responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 244
فَقَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ أَيْ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي يُفِيضُ مِنْهُ سَائِرُ النَّاسِ وَهُوَ مُزْدَلِفَةُ. وَعَبَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعَرَبَ كُلَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي مُزْدَلِفَةَ، وَلَوْلَا مَا جَاءَ مِنَ الْحَدِيثِ لَكَانَ هَذَا التَّفْسِيرُ أَظْهَرَ لِتَكُونَ الْآيَةُ ذَكَرَتِ الْإِفَاضَتَيْنِ بِالصَّرَاحَةِ وَلِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ بَعْدُ: فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ [الْبَقَرَة: 200] .
وَقَوله: مِنْ رَبِّكُمْ عَطْفٌ عَلَى أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ أَمَرَهُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ كَمَا أَمَرَهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ. وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِقُرَيْشٍ فِيمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الْوُقُوف بِعَرَفَة.
[200، 202]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 200 إِلَى 202]
فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (201) أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (202)
تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ [الْبَقَرَة: 199] لِأَنَّ تِلْكَ الْإِفَاضَةَ هِيَ الدَّفْعُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى أَوْ لِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ وَمِنًى هِيَ مَحَلُّ رَمْيِ الْجِمَارِ، وَأَشَارَتِ الْآيَةُ إِلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ فَأَمَرَتْ بِأَنْ يَذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الرَّمْيِ ثُمَّ الْهَدْي بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ تَمَّ الْحَجُّ عِنْدَ ذَلِكَ، وَقُضِيَتْ مَنَاسِكُهُ.
وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحَاجَّ لَا يَرْمِي يَوْمَ النَّحْرِ إِلَّا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى الزَّوَالِ ثُمَّ يَنْحَرُ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَأْتِي الْكَعْبَةَ فَيَطُوفُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَقَدْ تَمَّ الْحَجُّ وَحَلَّ لِلْحَاجِّ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا قُرْبَانَ النِّسَاءِ.
وَالْمَنَاسِكُ جَمْعُ مَنْسَكٍ مُشْتَقٌّ مِنْ نَسَكَ نَسْكًا مِنْ بَابِ نَصَرَ إِذَا تَعَبَّدَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَرِنا مَناسِكَنا [الْبَقَرَة: 128] فَهُوَ هُنَا مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ أَوْ هُوَ اسْمُ مَكَانٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ: قَضَيْتُمْ لِئَلَّا نَحْتَاجَ إِلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ عِبَادَاتِ مَنَاسِكِكُمْ.
وَقَرَأَ الْجَمِيعُ مَناسِكَكُمْ بِفَكِّ الْكَافَيْنِ وَقَرَأَهُ السُّوسِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بِإِدْغَامِهِمَا وَهُوَ الْإِدْغَامُ الْكَبِيرُ [1] .

[1] الْإِدْغَام يَنْقَسِم إِلَى كَبِير وصغير، فالكبير هُوَ مَا كَانَ فِيهِ المدغم والمدغم فِيهِ متحركين سَوَاء كَانَا مثلين أَو جِنْسَيْنِ أَو متقاربين، سمي بِهِ لِأَنَّهُ يسكن الأول ويدغم فِي الثَّانِي فَيحصل فِيهِ عملان فَصَارَ كبيراف. وَالصَّغِير هُوَ مَا كَانَ فِيهِ المدغم سَاكِنا فيدغم فِي الثَّانِي فَيحصل فِيهِ عمل وَاحِد وَلذَا سمي بِهِ. انْظُر «الإتقان» و «شرح الشاطبي» .
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست